كيف نتعامل مع الأطفال في ظروف الحرب؟

جمعة, 12/01/2023 - 15:29 -- siteadmin

تتساءل في نفسك كيف يدرك الطفل الأحداث الصادمة التي يتعرض لها من حروب، والنزاعات المسلحة؟ والإجابة بسيطة، عُد بذاكرتك إلى زمن بعيد، عندما كنت طفلا صغيرا تعيش في عالم الكبار الخارقين. كنت تؤمن أنهم خارقون.

زمن كانت كل الأشياء العادية تبدو لك كبيرة وغير مفهومة، زمن كنت تؤمن فيه بوالديك، وأنهما من الأبطال الخارقين، يمتلكون كثيرا من القدرات والصلاحيات، زمن كنت فيه طفلا مدللا تطلب من والديك الحماية، وكل ما تشتهي ويخطر على بالك.

هل تذكرت هذا الصغير أم ليس بعد؟ حسنا والآن تخيل هذا الطفل الصغير قد مرّ بظروف حرب وما فيها من (قتل، قصف، موت، حصار، تدمير)، ولم يكن هذا هو أصعب ما مرّ به. بل رؤيته لوالديه عاجزين، وقد كان يعدهما خارقين، فرأى عجزهما عن دفع الأذى عنه أو حتى عن أنفسهما.

راقب انهيارهما، وخوفهما الواضح على وجهيهما الشاحب؛ ممّا يحدث حولهم من أحداث حرب، الآن وصلتك مشاعر هذا الطفل الصغير بالتأكيد، وتستطيع تفهم ردود فعله للتمكن من مساعدته في ظل الظروف الصعبة؛ وهذا هو المطلوب.

كيف يعبر الأطفال عن معاناتهم في ظل الظروف الصعبة؟

يعبر الأطفال عن معاناتهم بطرق مباشرة وغير مباشرة، وتختلف ردود الفعل من طفل لآخر، وتعتمد على 3 عوامل هي:

نوع الحدث.

طبع الطفل وعمره.

الجوّ الأسري ومدى قوة علاقة الطفل بأسرته.

ويأتي التعبير بطرق مباشرة عن طريق شعورهم: بالخوف، التّوتر، الضيق، والانزعاج، الغضب، الحركة الزائدة، وطرح الأسئلة بشكل مفرط.

أما الطرق غير المباشرة تكون بظهور مشكلة تعبر عما يمر به، مثل:

اضطرابات في الكلام (التلعثم أو التأتأة).

عدم التحكم في التبول أو التبرز إما إمساك أو إسهال أو التبول اللاإرادي.

النكوص: أي عودته إلى سلوكيات طفولية غير مناسبة لعمره، مثل: (الحبو، أو مصّ الأصابع وغيرها من الأمور)

اضطرابات في النوم مثل (الإصابة بالأرق، أو الكوابيس، أو الإفراط في النوم).

أمراض نفجسمية وهي الأمراض الجسدية سببها نفسيا، مثل: تشنج الأطراف نتيجة للتوتر النفسي، وأحيانا آلام في البطن، أو الرأس.

شدة تعلق الطفل بأفراد أسرته، وخاصة والديه والالتصاق بهم طوال الوقت خوفا من فقدهم.

من المهم ألاّ نكذب عليه، ولا نستخفّ بذكائه؛ فالطفل حتى وإن لم يكن لديه الفهم الكافي والمعلومة الكاملة، لكنه يشعر بما يدور حوله. والكذب على الطفل أو تضليله أو إعطاؤه الأمان المزيف، يجعله يفقد ثقته بالراشدين من حوله

وفي ما يلي بعض النصائح الأساسية في التعامل مع مخاوف الأطفال بغرض التخفيف عنها:

ساعد طفلك في التعبير عن مشاعره.

ساعد طفلك في التعامل مع الظروف الصعبة.

ساعد طفلك في استعادة السيطرة وقم بتفعيل بديل.

ساعد طفلك في التعبير عن مشاعره

يحتاج الطفل أثناء الظروف الصعبة كالأزمات والحروب، إلى أمور بسيطة ولكنها مهمة، ليكف عن الشعور بالوحدة، ويقدر على التأقلم مع معاناته بشكل أفضل، وأن يواجه الأوضاع الصعبة، وهذه الأمور هي:

أعطِ طفلك فرصة للتعبير عن مشاعره وانفعالاته بحرية تامة، وعليك باحترامها كما هي.

إياك أن تقل: (أنتَ رجل والرجال لا تبكي)، (لا يوجد ما يستدعي كل هذا الخوف، لا تكوني جبانة).

اعترف بمشاعره وسمّها بمسمياتها الحقيقية، فلا يوجد في مسألة المشاعر صح أو خطأ.

ابتعد عن النصائح الجاهزة والمحاضرات الطويلة.

تجنب النقد وإصدار الأحكام لما ستسمعه من طفلك.

كن متفهما ومتعاطفا.

انتبه للغة جسدك وتعابير وجهك، فأحيانا قد يبدو على وجهك الضيق أو الضجر، وتذكر أنّ طفلك ذكي وتعابير وجهك ستتركُ أثرا سلبيا عليه أقوى، ولو لم تقل كلمة واحدة.

أكد لطفلك أنك مدرك لمشاعره التي عبّر عنها، وأنك تفهم مشاعره جيدا، وتأخذها على محمل الجد وتحترمها.

عندما يعبر طفلك عن خوفه فعليك أن تؤكد له تفهمك مخاوفه.

عندما يعبر لك عن مشاعر الكره والحقد التي شعر بها بسبب الأحداث حوله، فمن المهم أيضا تقبل مشاعره السلبية (وفي مرحلة لاحقة يمكنك العودة إلى تصحيح المعلومات وتوضيح الأحداث).

ساعد طفلك على التّعامل مع الظروف الصعبة.

أحد العوامل الأساسية التي تسهم في زيادة الخوف هو انعدام المعرفة أو قلتها، فكثير من مخاوفنا تنبثق من أمور غير معروفة لنا أو غير محددة. وبما أن الأطفال بصورة عامة معرفتهم محدودة، فإن هذا يزيد مخاوفهم، ويجعلهم حائرين، ولديهم العديد من التساؤلات.

وظيفتنا نحن الراشدين هي الإجابة عن أسئلة الأطفال بصدق وتزويده بالحقائق. فالمعرفة والفهم من المتطلبات الأساسية لإعادة التوازن النفسي والذهني للطفل.

إضافة إلى أن مشاركة الطفل في فهمنا السياسي للأمور تسهم في توسيع قدراته وبلورة رؤيته ليصبح تعامله مع الأمور عقلانيا، وليس عاطفيا فحسب، وربما نكتفي بأجزاء من الحقيقة حسب عمر الطفل، ولكن من المهم ألاّ نكذب عليه، ولا نستخفّ بذكائه؛ فالطفل حتى وإن لم يكن لديه الفهم الكافي والمعلومة الكاملة، لكنه يشعر بما يدور حوله، والكذب على الطفل أو تضليله أو إعطاؤه الأمان المزيف، يجعله يفقد ثقته بالراشدين من حوله.

حسنا أتفق أنه في بعض الأحيان، الأهل لا يعرفون الإجابة الفعلية لكلّ أسئلة أطفالهم، والحل هنا هو إشراك الطفل في حيرتهم هذه، والبحث سويا عن الإجابات الصحيحة، وهذا من شأنه تعزيز ثقة الطفل بأهله وشعوره بمدى مصداقياتهم.

وفي حال استمرار الطفل في طرح الأسئلة، فإن هذا يدل على خوفه وقلقه، وهنا قد لا تكون الإجابة عن أسئلته هي المهمة في هذه الحالة، وإنما فهم مخاوفه ومحاولة تهدئته، وطمأنته قدر المستطاع.

إن القيام بفعاليات ونشاطات أحد الأسباب المهمّة في إعادة السيطرة على الواقع وإعادة التوازن النفسي، وقيامنا بأعمال ترتبط بالحدث يساعدنا على الشعور بأننا فاعلون وقادرون، وتساعد في تأقلمنا جميعا

ساعد طفلك في استعادة السيطرة وتفعيل بديل

لدى الأطفال قوة داخلية تساعدهم في التأقلم، فهم يساعدون أنفسهم بأنفسهم، لكن مع هذا فهم بحاجة إلى التشجيع والدعم، إن القيام بفعاليات ونشاطات هو أحد الأسباب المهمة في إعادة السيطرة على الواقع وإعادة التّوازن النفسي، وقيامنا بأعمال ترتبط بالحدث يساعدنا على الشعور بأننا فاعلون وقادرون، وتساعد في تأقلمنا جميعا.

يمكن مشاركة الطفل بالرسم، اللعب بالصلصال، رواية القصص والحكايات، وغيرها من الأنشطة الكثيرة التي تساعد الطفل على التعبير والتواصل خلال الظروف الصعبة.

وأخيرا نُذكر أنه رغم فداحة التّأثير السلبي للحرب على الأطفال، فإن دماغ الإنسان يتميز بالمرونة والتكيف وخاصة في الظروف النمطية المكررة، ولذا كلما وضعنا لأنفسنا وأطفالنا روتينا يوميا أعطى ذلك نتائج إيجابية، وقلل من سلبيات حالات الطوارئ.

بقلم ريم علوان

المصدر: الجزيرة

https://www.aljazeera.net/blogs/2023/10/9/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%86%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D8%B1%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D8%9F

 

 

Dislike
0