متى يصبح الطلاق حلاً لحماية الطفل؟

أربعاء, 02/19/2020 - 13:50 -- siteadmin

عندما يتخذ الأهل قرار الطلاق، تتوجه الأنظار مباشرةً إلى الأطفال، لما لذلك من عقبات على صحتهم النفسية وشخصيتهم وحياتهم عامةً.  في المقابل تتفاوت الآراء حول ما إذا كان أفضل لهم أن يعيشوا في منزل واحد مع والديهما، وإن كانا على خلاف، أو ما إذا كان الطلاق حلاً أحياناً. في هذا الموضوع تتحدث المعالجة النفسية نور واكيم عن خلافات الأهل ووقعها على الأطفال وعن صورة العائلة التي يجب أن تبقى مصانة، وإن اختلفت المعايير المتعارف عليها في ذلك.

من المؤكد أن للطلاق تبعات كثيرة لا تقتصر على الزوجين فحسب، بل يعتبر الطفل الضحية الأساسية هنا بحسب الخبراء. لكن السؤال الأساسي الذي يطرح هنا هو حول ما إذا كان الطلاق يعتبر الاختيار الأفضل أحياناً عندما تزيد الخلافات بين الوالدين مع ما لها من نتائج سلبية لا يستهان بها على الطفلين. تشير واكيم إلى حالة الزوجين اللذين يسعيان إلى الحفاظ على زواجهما من أجل الأطفال فقط، كما يحصل في كثير من الأحيان. "يعرّض ذلك الأطفال إلى العيش في أجواء يشهدون فيها على العنف بمختلف أشكاله الجسدية والمعنوية والجنسية، وهذا ما لا يشكل بيئة سليمة لينمو فيها الطفل. في هذه الحالة، قد يكون من الأفضل انفصال الأهل لإنقاذ صورة العائلة بالنسبة إلى الطفل".

الطلاق صعب ولكن...

لا تقتصر العائلة في مفهومها الحقيقي على القرب الجسدي والتواجد في مكان واحد. قد تكون العائلة مفككة ولو كان أفرادها يعيشون تحت سقف واحد. فالأهل الذين يصرون على الاستمرار في الحياة  الزوجية، بحسب واكيم، رغم الخلافات الدائمة بينهما، يشكلون مثالاً سيئاً للطفل. فلا يمكن الخوف على تفكك العائلة إذا كانت أصلاً مفككة، وهذا ما يؤثر سلباً على النمو الصحي لشخصية الطفل ومستقبله، حيث يتخوّف لاحقاً من فكرة الزواج التي يصيبها الخلل بالنسبة إليه. "تنعكس العلاقة الإيجابية بين الوالدين كيفما كانت، على شخصية الطفل ونموه وعلى صحته النفسية. فإذا كان والداه في علاقة جيدة وصحيحة، هو يشعر بالارتياح وبالأمان، وإن كانا منفصلين. لا يمكن أن ننكر أن ثمة مرحلة انتقالية في الفترة الأولى، يتأقلم فيها الطفل مع الوضع الجديد لدى انفصال والديه لكنها مرحلة تنتهي ويتأقلم بعدها. ولاحقاً، حتى إذا كان الوالدان يعيشان في منزلين منفصلين على الأقل، لا يكون الطفل مشتتاً بين مشاكلهما وخلافاتهما الدائمة والظروف السلبية التي ينمو فيها".

ثمة دراسات تشير إلى مدى صعوبة الطلاق على الأطفال، كما يؤكد الواقع أيضاً، لكن، بحسب واكيم، لا يؤخذ أحياناً فيها في الاعتبار حجم الضرر العاطفي على الطفل نتيجة وجوده في منزل تكثر فيه الخلافات بين الوالدين. ومن الآثار السلبية الواضحة للخلافات المستمرة على الطفل بين الوالدين ما يجب التنبه له سريعاً تجنباً لزيادة حالته سوءاً:

- البكاء أو الهدوء أو الخوف والاختباء عندما تبدأ المشاجرات بين الوالدين.

- تراجع في العلامات والنتائج في المدرسة.

- المشاجرة واستخدام العنف مع الأصدقاء.

- الرغبة في الانعزال بعيداً عن الأهل.

- التذمر من أية مشكلة صحية لتوجيه الانتباه إليه بعيداً عن خلافات والديه.

- في مرحلة المراهقة زيادة احتمال التعرض إلى السلوكيات السلبية من إدمان أو الاضطرابات الغذائية أو التدخين.

هكذا يكون وقع الطلاق أفضل 

صحيح أن الطلاق ليس سهلاً على الأطفال وله انعكاسات عديدة على صحتهم النفسية، وثمة أعراض تبدو واضحة كتراجع النتائج المدرسية وسرعة الانفعال على مختلف الناس والإحساس بالذنب والحزن، ما قد يقودهم إلى تدهور في السلوك في مرحلة لاحقة باتجاه الإدمان أو الانحراف، لكن في المقابل ثمة خطوات عديدة يمكن أن يتبعها الأهل لتسهيل الأمور عليهم والحد من الأضرار التي قد تنتج عن ذلك:

- جلوس الوالدين معاً للتحاور حول الطريقة التي سيتم فيها الإعلان عن الطلاق حتى يكون كلامهما متناغماً.

- الجلوس مع الأطفال وتفسير هذه الخطوة لهم والتغيير الذي سيحصل. صحيح أن الخبر بذاته يشعر الطفل بعدم الأمان والارتباك للحد من وقعه، يفضل أن تعطى تفاصيل عن الخطوات التالية وعن الموضوع ليعرف ما ينتظره في المستقبل القريب فتصبح الأمور أكثر وضوحاً له.

- يجب الحرص على روتين معين مع الأطفال بعد أن يتم الطلاق للحد من الإحساس بعدم الاستقرار لدى الطفل

- يجب أن يمتنع كل من الوالدين عن التحدث بالسوء عن الآخر أمام الأطفال تجنباً لتشويه الصورة أمامهم

- يجب الحرص وتخصيص فسحة للطفل ليعبر عن مشاعره في مرحلة الطلاق، فهو يحتاج إلى الكثير من الاهتمام.

تشدد أيضاً واكيم على أن لكل من الزوجين وجهات نظر مختلفة والنقاش أمام الأطفال ليس عيباً أو خطأ، بل هو أمر طبيعي وصحي ويتعلّم منه الأطفال الكثير حول أهمية التفاهم بهدوء حول وجهات نظر مختلفة ويتعلمون أن كل الأشخاص ليس لديهم الآراء ذاتها. هم بذلك يتعلمون كيفية تقبل رأي الآخر ولو كان مختلفاً. الشرط الأساسي في المناقشة هنا هو الهدوء لكن المشكلة تبدأ عندما يشهد الطفل على عنف وشتائم وضرب وصراخ وتكسير وغيرها من الأمور العنيفة.

بقلم كارين اليان ضاهر

المصدر: النهار

https://www.annahar.com/article/1101406-

 

 

Dislike
0