هل نخبر الطفل بأن أباه في السجن؟

الأم يجب ان تكون واضحة وصريحة مع اطفالها، وتخبرهم بالسبب الحقيقي لغياب الأب

1-هل نخبر الطفل بأن أباه في السجن؟

لا نكذب على الطفل، نخبره الحقيقة ويخبره أبوه بأنه نادم ولن يكرر خطأه.
الطريقة المثلى لذلك تختلف بحسب اختلاف عمر الطفل، اذا كان عمره اقل من خمس سنوات مثلًا، تخبره أمه بان «البابا» سيغيب قليلًا لأنه قام بفعلٍ خاطئ، «ولقطه البوليس» وسيغيب عن المنزل لفترة زمنية (حسب مدة الحكم)، ونحن نحبه وسنقوم بزيارته لأنه نادم على ما فعله، فيتعلم الأطفال من والدهم المسجون الا يقوموا بأفعال خاطئة، والا يكرروا أخطاءهم، ويكون مثالهم والدهم الذي خسر حريته، فمفهوم الحرية بالنسبة للطفل له أهميةٍ خاصة. اما بالنسبة للأطفال الذين يتجاوز سنهم تسع سنوات فنخبرهم بالتفاصيل كما هي، ونحاول تخفيف القلق الذي قد يعيشه الطفل بشرح الاجراءات التي نقوم بها لمساعدة أبيه، كتوكيل محام وغيره من الامور.

2-كيف يمكن أن تفسر الأم لأطفالها غياب الأب؟
الأم يجب ان تكون واضحة وصريحة مع اطفالها، وتخبرهم بالسبب الحقيقي لغياب الأب، بالطريقة الملائمة قدر الامكان وبحسب عمر كُلّ طفل، والاب حال غيابه عن المنزل من المهم ان يبقى على اتصالٍ بأطفاله وبشكل دائم.

3-الى أي حد يتأثر أطفال السجناء بالتنمر الذي يمكن ان يتعرضوا له؟
الطفل يتأثر كثيرًا بالمحيط الذي ينتمي له، خاصة اذا كان الوالد في السجن فيلقب بابن السجين، أو يخبرونه بانه سيذهب للسجن ايضًا فيتملكه الخوف. من المهم هنا ان يتعاطف المجتمع مع هذا الطفل وعائلته لان لا ذنب لهم.

4-هل تشجعون زيارة الأطفال لوالدهم في السجن ؟
بالتأكيد، من المهم أن يذهب الطفل الى السجن لرؤية أبيه، وان يظهر الوالد بمظهر القوي، وأن يخبره بأنه نادم على ما فعله، كي يتعلم الطفل من خلال المراقبة والمشاهدة بأن الانسان يخطئ أحيانا فيُعاقب ويدخل السجن، إلا ان هذا لا يعني ان حياته قد تدمرت، فيتعلم من ابيه القوة والتصرف بشكلٍ سليم.

5-هل هناك قاسم نفسي مشترك بين جميع الأطفال الذين يخضعون لهذه التجربة؟
نسبة كبيرة من الاطفال الذين يدخل آباؤهم السجن يشعرون بقلقٍ دائم، وعدم الحماية، ويمكن القلق ان يتحول لقلقٍ اجتماعي، ويعانون من التنمر والكلام السيئ، والبعض منهم تظهر لديه مشاكل سلوكية، جراء عدم المتابعة والاهتمام.

6-إذا سأل الطفل عن سبب احتجاز حرية والده كيف نجيبه؟
نخبره السبب كما هو مع كلماتٍ مبسطة وايجابية وجيدة. على الاهل هنا ان يقدروا أي كلمات ممكن ان يستعملوها لتخفيف وطأة الخبر، لا نكذب على الطفل ولكن نخفف من الحالة قليلًا كي لا يخاف.

7-إذا شاهد الطفل أباه وهو يخالف القانون، وشاهد الشرطي أو الشخص المكلف بحفظ النظام يقوم بتوقيفه بالقوة، ما هو اثر ذلك على نفسية الطفل؟
سيتأثر الطفل سلبًا وبشكلٍ متفاوت بحسب الحالة، ولكن على الوالد هنا ان يلعب لاحقًا دورًا ايجابيٍا مع الطفل، بأن يخبره بأنه كان مخطِئًا، ولا يدافع عن نفسه بل يستغل الفرصة ليشرح له بأننا لا نستطيع مخالفة القانون، لان القانون يقوم دومًا بحمايتنا، ونحن نخضع له.

8-ما هو مفهوم الطفل للسجن؟
يحب الطفل حريته، ليلعب ويتسلى ولا يحب ان يكون لديه قيود، يُظهر السجن كل هذه القيود، فالكثير من الأطفال في هذه الحالة يعانون من القلق والقلق المعمَّم، بسبب فكرة السجن، لذلك من الأفضل ان نخبره بالحقيقة.

9-هل يمكن أن يؤدي سجن الوالد لانحراف أولاده وظهور سلوك اجرامي لديهم في المستقبل؟
اذا لم يشرح الاهل للطفل ما هي الأسباب الموجبة لدخول والده السجن، سينعكس ذلك على طريقة تفكيره مما يؤدي لظهور مشاكل سلوكية، من الممكن توصل لارتكاب افعال جرمية.

وجّهت «الاخبار» بعض الأسئلة عن الأثر النفسي على أولاد السجناء الى المتخصص بالأمراض النفسية والتحليل النفسي الدكتور انطوان الشرتوني

وصمة عار
يصنف السجناء في المجتمع اللبناني بشكل عام كأشرار. فينظر الى الموقوفين والمحكومين منهم، على حد سواء، كمصدر اذية وتخريب يفترض التعامل بعه بقسوة. وما زالت فكرة الردع بالقوة والتخويف طاغية حيث يُعتقد انه كلما زادت العقوبة قساوة ارتدع السلوك الجنائي. لم تثبت الدراسات صحة ذلك بل حبذت اصلاح السلوك الجنائي والسعي الى إعادة التأهيل التي اثبتت فعالية اكبر من الاجراءات القمعية. اما بالنسبة الى أولاد السجناء فيبدو انهم يعاقبون مثل والدهم الذين حرموا منه. فهل يسلكون مسار والدهم لا للامتثال به او لوراثته بل بسبب الوصمة الاجتماعية والمعاناة الناتجة عن غياب المعيل؟
يعاني معظم الأطفال من الإحراج عندما يذهب والدهم إلى السجن. يفترض بعض الأطفال أيضًا أنهم مخطئون أو فعلوا شيئًا أدى إلى سجن والدهم، حتى عندما لم يكن هناك ما يمكنهم فعله لمنع ذلك.
يتعرض الأطفال الذين يوجد أحد والديهم في السجن للمضايقات في المدرسة وقد يستوعبون وصمة العار ويعانون من تدني احترام الذات، خاصة إذا كانوا يتعاطفون مع الوالد المسجون. وقد يتفاعل الآخرون مع الغضب والتحدي والرغبة في الانتقام من أولئك الذين يرفضونهم ويسخرون منهم.

تصنيف الأبوة في السجن

1-الأب الهامشي:
الأب الذي كان قد تزوج باكراً ويعاني من مشاكل زوجية ولا يولي اسرته الاهتمام المطلوب. وبالتالي ليس لغيابه عن المنزل آثار سلبية تذكر بل يمكن ان تكون الفترة التي يقضيها في السجن مناسبة لمراجعة سلوكه تجاه زوجته وأولاده.

2-الأب المعلّق:
الرجل الذي تمكن من تناسي علاقاته الأبوية والعائلية بعد دخوله السجن ويطلب من زوجته وأولاده عدم زيارته او الاتصال به لحين اخلاء سبيله. ويسعى الاب المعلّق الى الشعور باللامبالات تجاه اسرته خوفاً من تأثير شوقه اليهم الى اضعافه وتدمير صحته النفسية.

3-الأب المكسور:
الرجل الذين شكّل إنجاب الأطفال نقطة تحول في حياته سمحت له بالاندماج في المجتمع من خلال الابتعاد عن الممارسات الإجرامية السابقة. الاب المكسور في السجن يشتاق الى زوجته وأولاده ويعلق احياناً صورهم في الزنزانة ويكلمهم هاتفياً بشكل مكثف ويومي. وفي غالب الأحيان يلعب هذا النوع من الإباء المسجونين دور الضحية ويدعي انه مظلوم بغض النظر عن الجرائم التي ثبت للمحكمة انه ارتكبها.

4- الأب المتجدد:
يشكل الحبس بالنسبة لبعض الآباء حافزًا لـ "نوايا أبوية جديدة". قبل السجن، عانى هؤلاء من نوع من الجنون الإجرامي دفعهم إلى الابتعاد عن نطاق الأسرة. يسمح لهم وجودهم في السجن بالتفكير في اسرتهم والرغبة في أن يصبحوا آباءً أفضل. جميعهم على اتصال بأطفالهم من خلال غرفة الزيارة أو الهاتف. ومع ذلك، بالنسبة لهم، لا يشكل كونهم أحد الوالدين وضعًا يتعلق بأي مظلومية تعرضوا لها. إن الأثر المصاحب لسنهم (أكثر من ثلاثين)، وخطورة الجرائم التي سُجنوا بسببها (القتل والاغتصاب والسرقة والاحتيال) وخبرتهم الطويلة في السجن تدفعهم إلى الابتعاد عن التواصل الاجتماعي في السجن. ويعملون على إخفاء أبوتهم أكثر من ترويجها للآخرين في السجن.

زوجات تدفعن الثمن
تأثير سجن الزوج على المرأة كبير، إذ أن البعد الأنثوي للمشاكل التي تواجهها يفرض نفسه وبقوة. فهي أيضًا فقدت مصدر الأمان والحب والاستقرار، لذلك يترك غياب الرجل عن المنزل أثرًا كبيرًا لديها، بصرف النظر ان كان مجرمًا أم لا.
في الحالات التي يعرَّض فيها الأب أمن الأسرة للاهتزاز، يتحول سجنه إلى عامل استقرار على الأطفال، أمَّا هي فتفقد الأمان والاستقرار الزوجي.

ويتسبب سجن الاب بإعادة توزيع عنيف وقهري للأدوار بين الأم والأب. ابسط مظاهره تأمين المصروف اليومي للعائلة والسجين على حدٍ سواء، أو تحصيل واستصدار الأوراق الرسمية للمتابعات القضائية والمعاملات الحكومية، وتأمين أتعاب المحامين.

يرتفع مستوى القلق والخوف لدى الزوجة، القلق على مستقبلها ومستقبل زوجها وأولادها، ومستقبل عمله بعد خروجه من السجن. القلق من وحدتها خلال غيابه وخوفها من التعرض للتحرشات، ومرور الوقت وانقضاء عمرها، ما يؤدي لارتفاع مستوى الاكتئاب والتوجه نحو المهدّئات وازدياد معدل التدخين، وفي بعض الحالات التوجه للإدمان على الكحول، الخوف من ان تفشل عند اتخاذها قراراتٍ مصيرية في غيابه، حتى القلق من ردة فعله بعد خروجه من السجن، هل سيحاول الانتقاص من استقلالها الذي تعودت عليه خلال غيابه؟
أحد أهم الأسباب إلى نظرة المجتمع السلبية تجاه العائلة السجينة، هي اعتبارهم مذنبين مثل والدهم المسجون أو والدتهم، وعدم وعي المجتمع لهشاشة هذه العائلة، والنفور منهم بالإضافة لعدم اهتمام المدارس لدمج هؤلاء الأطفال، ووجود خجل لدى الأطفال الآخرين لمصادقتهم.

بقلم عمر نشابة، محمد الصغير

المصدر: الاخبار

https://al-akhbar.com/Lebanon/338837