المظلّة القانونية لحماية الأطفال والأحداث في لبنان

يتضمّن القانون اللبناني سلسلة اتفاقيات دولية وقوانين ومراسيم وقرارات تشكل، إن تم تطبيقها، مظلة قانونية لرعاية الأحداث وحمايتهم. إلا أن التطبيق يبقى، كما كل شيء في لبنان، بعيداً عن الواقع. فقانون العقوبات يعتبر الراشد البالغ من العمر 18 عاماً مسؤولاً من الناحية الجنائية، في وقت لا يعتبره الدستور مسؤولاً بما يكفي لناحية ممارسة واجبه الانتخابي ولا أهلاً للاقتراع إلا إذا بلغ سن الواحدة والعشرين مكتملة، ولكن في المقابل تسمح بإجراء زواجه ولو كان/ت قاصر

1- من هم الأحداث المشمولون بحماية هذا القانون؟

بعدما كانت القوانين اللبنانية تعتبر أن الحدث هو الذي لم يبلغ الثالثة عشرة من العمر، نص قانون حماية الاحداث على أن الحدث هو من لم يتم الثامنة عشرة. كما اعتنى القانون بفئتين من الأحداث، سواء كانوا من المخالفين للقانون الجزائي، أو من المعرضين للخطر إما من الغير او من تصرفاتهم الشخصية وسوء سلوكهم. وحدّد التدابير التي يمكن للقاضي اتخاذها لحمايتهم.

2- أمام أي مرجع قضائي يُحاكم الأحداث؟
أنشا القانون قضاء خاصاً بالأحداث اسمه قضاء الأحداث، يتألف من قاض منفرد ينظر في المخالفات والجنح، وفي القضايا التي تتعلق بتعرض الحدث للخطر. كما تتألف من الغرفة الإبتدائية لدى محكمة الدرجة الأولى التي تنظر في الجنايات.

3- ما هي أصول إحضار الحدث أمام النيابة العامة و إلزامية حضور المندوب الاجتماعي؟
إحضار الحدث أمام النيابة العامة أو الضابطة العدلية لا يشبه إحضار الراشد الذي تنحصر حقوقه بما ورد في قانون اصول المحاكمات الجزائية. لدى إحضار الحدث امام النيابة العامة او الضابطة العدلية في الجرم المشهود للتحقيق معه، يتوجب على المسؤول عن التحقيق ان يعلم أهله فوراً، وان يتصل فوراً بالمندوب الاجتماعي المعتمد لحضور التحقيق. وعلى المندوب الحضور خلال ست ساعات من دعوته.

لكن المؤكد أن هذه القواعد لا تُراعى دائما لألف سبب وسبب، منها أن ذلك غير متيسّر، وهو أمر غير مقبول. إذ لا يجوز البدء بالتحقيق ما لم يكن المندوب حاضراً تحت طائلة الملاحقة المسلكية. وفي حال كان حضوره متعذراً لأي سبب، على النيابة العامة او مصلحة الاحداث في وزارة العدل ان تعين مندوباً اجتماعياً من احدى الجمعيات المصنفة في هذه المصلحة ليحضر التحقيق.
ولا يكتفى فقط بحضور المندوب الاجتماعي، بل على هذا الاخير ان يباشر بحثاً اجتماعياً ويقدّم نتائجه الى من يتولّى التحقيق مع الحدث.
كما أن وجود محام الى جانب الحدث الزامي في المحاكمة الجنائية والمحاكمات الاخرى. واذا لم يبادر ذووه او المعنيون بشؤونه بتأمين محام حيث يجب، للمحكمة ان تكلف محامياً او تطلب ذلك من نقيب المحامين.

4- ما هي أصول تطبيق هذه العقوبات على الأحداث وفقا للسنّ؟
تطبق أصول خاصة على الحدث وفقا لسنّه في تاريخ ارتكاب الجرم. ففي حين يفرض أحد هذه التدابير على الحدث اذا ارتكب جريمة لا تشكّل جناية اذا أتمّ الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة ، لا تفرض على الحدث عقوبتا التأديب والعقوبة المخفضة إذا أتمّ السابعة ولم يتم الثانية عشرة. أما إذا أتمّ الثانية عشرة من عمره ولم يتم الخامسة عشرة، فيُفرض عليه اي من التدابير المنصوص عليها آنفاً ما عدا العقوبات المخفضة، أما في الجنايات فتفرض عليه التدابير المانعة للحرية او العقوبات المخفضة، بإستثناء الجنايات المعاقب عليها بالإعدام التي تطبق بشأنها العقوبات المخفضة فقط.

5-متى يُعتبر الحدث مهدداً ومعرضاً للخطر؟
يعتبر الحدث مهدداً في الأحوال الآتية:
1 -
إذا وُجد في بيئة تعرّضه للاستغلال أو تهدد صحته او سلامته او اخلاقه او ظروف تربيته.
2 -
اذا تعرّض لاعتداء جنسي او عنف جسدي يتجاوز حدود ما يبيحه العرف من ضروب التأديب غير المؤذي.
3 -
اذا وُجد متسولا او مشردا، والتسول هو استجداء الاحسان بأي وسيلة كانت. أما التشرد فهو تركه لمسكنه أو إذا لم يكن له مسكن ويعيش في الشوارع والمحلات العامة

6- كيف يتدخل القاضي في حالة تهديد الحدث أو تعريضه للخطر؟
يتدخل القاضي بناء على شكوى الحدث او احد والديه او أوليائه او اوصيائه او الأشخاص المسؤولين عنه او المندوب الاجتماعي او النيابة العامة او بناء على إخبار.
على النيابة العامة او قاضي الأحداث ان يأمر بإجراء تحقيق اجتماعي، وان يستمع الى الحدث ووالديه او احدهما او الوصي الشرعي او الأشخاص المسؤولين عنه، قبل اتخاذ اي تدبير بحقه ما لم تكن هناك عجلة في الأمر، وإلا يكون ممكنا إتخاذ التدبير الملائم قبل استكمال الإجراءات السالف ذكرها. ويمكن الاستعانة بالضابطة العدليّة لتقصي المعلومات في الموضوع.
لا يعتبر إفشاء لسر المهنة ولا يقع تحت طائلة احكام قانون العقوبات اي إخبار يقدم الى المرجع الصالح ممن هو مطلع، بحكم وضعه او وظيفته، على ظروف الحدث المعرض للخطر في الأحوال المحددة في المادة 25 من هذا القانون.

7- من هي الجهة المكلفة بمراقبة التزام أصحاب العمل بمنع تشغيل الأحداث؟
يعهد الى جهاز تفتيش العمل والوقاية والسلامة في وزارة العمل الاشراف على التزام أصحاب العمل وأوليائهم بحظر استخدام الاحداث قبل بلوغهم الثامنة عشرة في الاعمال التي تشكل خطراً على صحتهم أو سلامتهم، أو حظر استخدام الاحداث ممن هم دون السادسة عشرة في الاعمال التي يرجح ان تؤدي، بفعل طبيعتها أو بفعل الظروف التي تزاول بها، الى الاضرار بصحتهم أو سلامتهم أو سلوكهم الاخلاقي، والالتزام بأحكام اتفاقيات العمل الدولية والعربية ذات الصلة.

8- ما هي الحالة التي لا يلاحق فيها القانون الحدث مطلقاً؟
لا يلاحق جزائيا الحدث الذي لم يتم السابعة من عمره في تاريخ اقترافه الجرم. إلا أن مسؤولية ذويه أو المسؤولين عن حراسته تبقى متوافرة بناء على قانون الموجبات والعقود في ما يتعلق بالمسؤولية المدنية، وتحديداً المسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي والمسؤولية الناشئة عن فعل الغير.

9-هل تكون المحاكمة علنية أم سرية للحدث؟
تُجرى محاكمة الاحداث سراً، ولا يحضرها الا الحدث ووالداه ووليه او الشخص المسلّم اليه والمدعي الشخصي والشهود والمندوب الاجتماعي المعتمد والمحامون، واي شخص ترخص له المحكمة بالحضور. ولكن تصدر المحكمة حكمها في جلسة علنية، وتحاط بالسرية اجراءات الملاحقة والتحقيق.
كما يحظّر نشر صورة الحدث ونشر وقائع التحقيق والمحاكمة او ملخصها في الكتب والصحف والسينما، واية وسيلة إعلامية أخرى. ويمكن نشر الحكم النهائي على ان لا يذكر من إسم المدعى عليه وكنيته ولقبه إلا الأحرف الأولى.


وقّع لبنان اتفاقيات دولية تصب في إطار حماية الأحداث، وأصدر قوانين عدة، أبرزها قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر في العام 2002.

أما على صعيد العمل، ورغم إبرام لبنان اتفاقيات دولية وإصداره قوانين ومراسيم لحماية الأحداث، إلا أننا لا نزال نرى عمالة الأطفال منتشرة في مختلف المنشآت، لا سيما تلك التي تندرج ضمن الاقتصاد غير المنظّم في ظل ظروف اقتصادية صعبة، بشكل مخالف للقانون 536 الصادر سنة 1996 الذي عدّل قانون العمل.
وقد حظّر قانون سنة 1996، بصورة مطلقة، استخدام الاحداث قبل اكمالهم سن الثالثة عشرة.
أما الذين لم يتموا الخامسة عشرة، فيحظر القانون نفسه استخدامهم في المشاريع الصناعية والاعمال المرهقة او المضرّة بالصحة، والمبيّنة في الجدولين الملحقين بهذا القانون.
كما يحظر استخدام الاحداث قبل اكمالهم سن السادسة عشرة في الاعمال الخطرة بطبيعتها، او التي تشكل خطراً على الحياة او الصحة او الاخلاق بسبب الظروف التي تجري فيها.
وفي كل الأحوال، يحظر تشغيل الاحداث أكثر من سبع ساعات يومياً، تتخللها ساعة للراحة على الاقل اذا تجاوزت ساعات العمل اربع ساعات متواصلة. كما يحظر تشغيلهم بين السابعة ليلا والسابعة صباحا. ويجب منح الحدث فترة من الراحة لا تقل عن 13 ساعة متعاقبة بين كل فترتي عمل.

ممنوع تكبيل الأطفال
القانون ٢٣٦/ ٢٠٢١
تم تعديل المادة 31 من قانون حماية الاحداث المخالفين للقانون او المعرضين للخطر بحيث يحظر استخدام السلاسل أو الاصفاد أو أي أدوات تقييد أخرى إلا في حالات الضرورة القصوى ولأقصر فترة ممكنة ووفق ظروف استثنائية .
ونقل الحدث إلى مكان احتجازه أو منه، بشكل لا يعرضه لأنظار الجمهور إلا بأدنى قدر ممكن، وتتخذ تدابير لحمايته من فضول الجمهور ومن العلنية بأي شكل من أشكالها.

بقلم صادق علوية

المصدر: الاخبار

https://al-akhbar.com/Lebanon/338835