
أربع رصاصات أزهقت حياة "الصبية اللي عمرها من عمر الورد". زهراء علي القبوط سقطت ضحية اخرى من ضحايا العنف الأسري. ابنة الـ22 ربيعا قتلها طليقها أنور غسان النمر (30 عاما) بسلاحه الحربي أمام منزل والدها في حي السبيل في مدينة الهرمل في البقاع الشمالي. بحسب أقارب المغدورة، فقد أطلق القاتل النار على زوجته السابقة وطفلتهما "مايا" (عامان) في حضنه داخل السيارة التي يستقلها، فيما زهراء تقف في باحة منزل عائلتها، تمسك بيد ابنة الجيران التي لا يتعدى عمرها 8 أعوام.
يجمع أبناء الهرمل على "بشاعة" الجريمة. يقول كريم عاصي، أحد أقارب المغدورة، إن "القاتل حاول الزواج مجددا من زهراء بعد طلاقهما منذ أربعة أشهر، ولكنها رفضت". لم يدم زواج انور وزهراء أكثر من 3 سنوات. يضيف عاصي ان "المغدورة كانت تلجأ الى منزل اهلها مرارا وتكرارا، وكان زوجها يرسل مصلحين لمراضاتها، إلى أن وصل الأمر حد الطلاق، واكتشفا أنهما لا ينسجمان مع بعضهما بعضا". يشير عاصي إلى أن عائلة زهراء كانت تشتكي دائماً من أن أنور "صعب المراس"، وأن ابنتهم كانت "تعاني كثيراً خلال حياتها الزوجية من سوء تصرفاته وتدخّل أهله في حياتهما"، الأمر الذي جعلها ترفض العودة إليه. وبحسب عاصي فإن الجيران شاهدوا الجاني يوم الأحد "أكثر من مرة" يمر بسيارته من أمام منزل عائلة المغدورة، إلى أن حصلت الجريمة أمام أنظار طفلتين بريئتين، ليتوارى بعدها وتعمد عائلته إلى تسليمه قرابة الساعة الرابعة من فجر يوم أمس الى استخبارات الجيش، وإلى إصدار بيان استنكرت فيه الجريمة، وأكدت ضرورة أن "تأخذ العدالة مجراها مهما كانت النتائج".
لكن مهلاً، فجريمة قتل زهراء القبوط في الهرمل ليست حالة فردية وخاصة، بل قضية مجتمع يعاني "العنف الذكوري". فزهراء ضحية في مسلسل متواصل ينتقل من منطقة إلى أخرى، دون أن يكون للسلطة القضائية دور في وضع رادع يحول دون ارتكاب مثل هذه الجرائم. تقول المحامية منار زعيتر، الناشطة في "التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني"، إن جريمة زهراء ليست الأولى، وإن المسؤولية تتحملها السلطتان الأمنية والقضائية. واشارت الى انه على الرغم من إقرار قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري "وتشوهاته"، لم يصدر حكم قضائي واحد في جرائم العنف الأسري، "وهو ما يخيفنا من أن تصبح هذه الجريمة كما غيرها من الجرائم السابقة". واستغربت زعيتر "العدالة المنقوصة" التي دفعت نساء لبنان، منذ اسبوعين، ليطالبن السلطة القضائية بإحقاق الحق وبت ملفات الجرائم، "وخصوصاً أن مرتكبي العنف ما زالوا أحرارا ولم نشهد أي حكم قضائي عادل أو أيّ إجراءات محاكمة عادلة"، مشددة على عدم المساومة على حقوق النساء وعلى إدانة كل شكل من اشكال التدخل لإفلات الجاني من العقاب، وضرورة إنزال أشد العقوبات به صونا للعدالة التي تحلم بها نساء وفتيات لبنان.
عصر الاثنين ووريت زهراء ثرى مدينتها الهرمل، وسط مشاعر الحزن والاستنكار للجريمة "البشعة"، وقد لفت كريم عاصي إلى أن "الأجواء ليست تصعيدية"، وأن عائلة المغدورة لا مطلب لديها سوى أن ينصفها القضاء والا يذهب دم ابنتها هدرا. وأضاف إن "الهرمل تتحمل بمجملها مسؤولية ما حصل، بالنظر إلى حالة الفلتان الأمني الحاصل، وحراك بعض الفعاليات التي تتصدى لإصلاح ذات البين عند كل خلاف، بطريقة تبويس اللحى والذقون، وهذا ما يفضي غالباً إلى ضياع الحقوق والتجرؤ على ارتكاب أفعال منافية للقوانين".
المصدر: الاخبار