
تحول (بيت بيروت) الواقع في منطقة السوديكو أو ما كان يسمى ”خطوط التماس“ بين شرق العاصمة اللبنانية وغربها أيام الحرب الأهلية (1975 – 1990) إلى ساحة مفتوحة للذكريات الأليمة والشوق والحنين والتعبير عما تركته النزاعات المسلحة في نفوس الأطفال السوريين واللبنانيين.
واستضاف (بيت بيروت) معرضا فنيا ضم لوحات ورسومات ومنحوتات ومؤلفات موسيقية لفنانين لبنانيين وسوريين بعنوان ”حنين“ أطلقته مساء الثلاثاء منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بحضور عدد كبير من السفراء والفنانين والإعلاميين.
المعرض يسلط الضوء على أثر الحروب على الأطفال، وهو كما يقول المشرف على المعرض الفنان شادي عون ”حوار بين جيلين من بلدين مختلفين لكنهما متجاورين، لبنان وسوريا“.
وأضاف ”جيل لبناني تربى في عز الحرب الأهلية ويحمل في لا وعيه ذكريات مؤلمة ومزعجة عن الحرب وتوابعها الممتدة حتى الآن، وجيل سوري لا يزال في عمر الورد واللعب والنمو يعيش يوميات النزوح والقهر والشوق والحنين إلى وطن مدمر“.
أتت فكرة المعرض عندما زارت سهى بساط بستاني المستشارة والمنسقة للمشاريع في مكتب (يونيسف) في بيروت ورشة عمل أقامتها جمعية بيوند اللبنانية لأطفال نازحين سوريين في البقاع حول العلاج بالفن والكتابة ومحو الأمية.
وقالت بستاني ”عندما قرأت النصوص بكيت، وقلت أن هذا العمل يجب أن يوثق ويجب أن تصل هموم هؤلاء الصغار الذين كبروا قبل أوانهم إلى أكبر عدد ممكن من البشر“.
واختار شادي نصوصاً وقصائد كتبها 39 طفلاً (أعمارهم بين الثامنة والخامسة عشرة) وأرسلها إلى 47 فنانا غالبيتهم لبنانيون معنيون بقضايا الحرب وتأثيرها على الأطفال، ليترجموا جملا تحمل معان فلسفية عميقة مثل الخوف والنزوح والتعلم والشوق والخسارة والنضال والصدمة والأمل والمستقبل والماضي.
جاءت الأعمال الفنية معبرة عما تحمله هذه الكلمات من هموم تتعلق بموت أحد الوالدين خلال الحرب، كما كتب علي حربا (12 سنة) ”أتمنى أن أبي لم يُقتل في الحرب لأناديه.. يا أبي“.
ويؤكد علي أن هذا المعرض يعني له الكثير لأن ما تدرب على كتابته ”فرغ كل الضغط الذي كان يقف على صدره“. ويضيف ”تعلمت خلال ورشات جمعية بيوند أن أكون صادقا في التعبير عن مشاعري وأن أكتب لأُبعد الحزن والكآبة عن قلبي وجسدي“.
ومن أكثر النصوص المؤثرة تلك التي كتبها شكري عسكر من حلب (13 سنة) وجاء فيها ”لم نعد نشعر بأننا بشر، بل رجال آليين لنا أرقام نُعرف بها وليس أسماء“ إشارة إلى انزعاجه من صفة نازح يناديه العالم كله برقم وليس باسم ويسلخ منه شخصيته وهويته.
وتقول بستاني ”الحرب السورية تقترب اليوم من دخول عامها الثامن وقد تعب السوريون أنفسهم ومعهم وسائل الإعلام والممولون والمنظمات وصارت قضية النازحين مستهلكة ولكن نحن كمنظمة تعنى بالأطفال لا يمكننا أن نتوقف عن العمل لأن الحرب لا تزال دائرة، لذا فكرنا بنفس جديد ومشروع خلاق فكان معرض “حنين” لنوصل أصوات الأطفال الحزينة والمهمومة، وكي لا يُحبط كل من يعمل مع الأطفال السوريين“.
وتعول بستاني على أن ”يكون هذا المعرض مدخلاً ليتحدث الإعلام عن مدى اختراق الحرب لقلوب ومخيلات الأطفال، وبالتالي لحث الممولين على دعم تقديم مزيد من الموارد“.
أما تانيا شابويزا ممثلة (يونيسف) في لبنان فتقول ”كل الأطفال يعانون من الحرب بالطريقة نفسها، سواء كانوا لبنانيين أو سوريين. هذا هو السبب الذي دفعنا إلى اختيار فنانين، عاش العديد منهم اختباراً مباشراً مع الحرب، لتجسيد كلمات أطفال، يعيشون الآن تداعيات الحرب الدائرة“.
وتضيف ”الأهم أننا فعلنا ذلك لأنه في مثل هذه الأوقات تحديداً عندما تكون التوترات عالية، يدفعنا التزامنا الأخلاقي إلى الدعوة للاتحاد والتركيز على ما يجمعنا من الأمور بدلا مما يفرقنا“.
ومن المقرر أن يزور هذا المشروع عددا من مكاتب (يونيسف) حول العالم.
المصدر: رويترز
https://ara.reuters.com/article/entertainmentNews/idARAKCN1G52EJ